أهمية التعرف على مستويات غلوكوز الدم
الرياض: الدكتور حسن محمد صندقجي
[b][size=12]بالرغم من الانتشار الواسع لمرض السكري، وبالرغم من إصابة الكثيرين بهذا المرض ومراجعتهم المتكررة للأطباء لمتابعتهم، وبالرغم من إدراك هؤلاء المرضى أن أرقام قياس نسبة سكر غلوكوز الدم هي أهم ما في الأمر لجهة التشخيص ولجهة متابعة جدوى العلاجات، إلا أن نسبة مهمة من مرضى السكري، ومن عامة الناس أيضا، لا تتذكر بوضوح الأرقام الطبيعية أو غير الطبيعية لنسبة سكر الدم.
ولأن فلسفة الوقاية الطبية تعتمد في كثير من أمثلتها الواقعية على علم الدلالة المنطقية، فإن إدراك وجود ثغرة زمنية ما بين الحالة الطبيعية لسكر الدم وبين حالة مرض السكري، يُحتم الاستفادة من هذا المحسوس زمنيا ومكانيا في جهود تقليل أعداد الإصابات بمرض السكري، خاصة أن البحث في حال الناس، وفق برامج الفحص الطبي الدوري، يُوفر كثيرا من المعطيات التي تُميز الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة بالسكري، سواء من نواحي الأعراض أو العلامات المستنبطة بعد الفحص السريري أو نتائج تحاليل المختبرات.
وتجدر ملاحظة أن المقصود بـ «مرض السكري» في هذا العرض، هو النوع الثاني الذي يُصيب الكبار في الغالب.
* ثلاث حالات
* ولو انتقينا عشوائيا أربعة أشخاص من عموم الناس، وطلبنا منهم أن يصوموا لمدة ثماني ساعات، ثم أجرينا لكل منهم تحليل نسبة غلوكوز الدم بأخذ عينة من الوريد، ووجدنا أن أحدهم كانت نسبة السكر في دمه 85 ملغم، والثاني 107 ملغم، والثالث 121 ملغم، والرابع 180 ملغم. وسألنا مجموعة من مرضى السكري: منْ من هؤلاء الأشخاص لديه نسبة طبيعية لسكر الدم، ومنْ منهم لديه مرض السكري؟ لوجدنا أن إجاباتهم مختلفة. والإجابة الصحيحة: بعد الصوم لثماني ساعات، نتيجة الأول تقول إن لديه نسبة طبيعية لسكر الدم. ونتيجة الرابع تقول إنه مُصاب بمرض السكري. أما الشخص الثاني والشخص الثالث، لديهم نسبة غير طبيعية في سكر الدم، ولكنها لا تصل في الارتفاع إلى حد تشخيص الإصابة بمرض السكري.
ولأحدهم أن يسأل، ما معنى هذا، هل هو طبيعي أو هو سكري؟ والحقيقة أن الأمور في الطب، ليست دائما إما أبيض أو أسود، بل هناك حالات وأوضاع «رمادية». وفي شأن «نسبة سكر الدم» هناك ثلاث حالات، الأولى، حالة الـ«طبيعي» normal. والثانية، حالة «مرض السكري» diabetes. والثالثة، حالة بين الطبيعي وبين المرضي، وتُسمى طبيا «ما قبل السكري» prediabetes.
* قياس نسبة غلوكوز الدم
* العلامة الأساسية المميزة لمرض السكري، هي ارتفاع نسبة سكر الغلوكوز في الدم. ولتشخيص وجود المرض أو عدمه، نحتاج إلى قياس هذه النسبة. ويجب إجراء هذا القياس بالطريقة الصحيحة، وقراءتها بالطريقة الصحيحة أيضا. وتعتمد صحة طريقة القياس على عنصرين، هما، أولا: وقت أخذ عينة الدم، أي هل صام الشخص ساعتين أو ثماني ساعات أو لم يكن صائما. وثانيا، المصدر الذي يتم منه سحب كمية الدم المُراد قياس نسبة السكر فيها، أي هل الدم أُخذ من الوريد مباشرة، أم أنه أخذ من الشعيرات الدموية بوخز طرف الأصبع بالإبرة. وبالجملة، هناك ثلاثة أساليب لتتبع نسبة سكر الدم، ولكل أسلوب منها طريقة قراءة مختلفة. والأساليب هي:
* أولا: اختبار قياس نسبة سكر الغلوكوز في بلازما الدمfasting plasma glucose test(FPGT)، وذلك بعد الصيام لثماني ساعات على الأقل. وهنا يتم سحب عينة من دم الوريد، لشخص صام لمدة ثماني ساعات أو أكثر عن الأكل والشرب، ويُستثنى شرب الماء الصافي فقط. وهذه الطريقة تُستخدم لتأكيد تشخيص إصابة المرء بمرض السكري أو بحالة «ما قبل السكري». وقراءة نتائج التحليل على النحو التالي: «الطبيعي» أن تكون نسبة السكر في هذا التحليل 99 ملغم أو أقل. وما بين 100 إلى 125 ملغم هو حالة «ما قبل السكري». وإذا كانت أعلى من 126 ملغم فهذا يعني وجود «مرض السكري». ووجود مرض السكري لدى الشخص يتطلب إعادة إجراء التحليل مرة أخرى واحدة في يوم آخر، وذلك للتأكد.
* ثانيا: اختبار القدرة بتناول السكر بالفمglucose tolerance test (OGTT). أي اختبار مدى قدرة الأنسولين الموجود بالجسم، والذي يُنتجه البنكرياس، على كيفية التعامل مع كمية من السكر الذي يتناوله المرء عبر فمه. ويُطلب من الشخص ابتداءً أن يصوم لمدة ثماني ساعات، ثم تُسحب عينة أولى من دم الوريد. ثم يُعطى محلولا سكريا يحتوي على 75 غراما من السكر. ويُطلب من الشخص الامتناع عن تناول أي شيء آخر في خلال الساعتين التاليتين. وبعد انتهاء الساعتين، يتم أخذ عينة ثانية من وريد الدم. ثم يُجرى تحليل نسبة السكر في تلكما العينيتين.
وهذا الفحص يُستخدم لتشخيص الإصابة بالسكري أو بمرحلة «ما قبل السكري». وتُعتبر هذه الطريقة أدق وسيلة لتشخيص مرض السكري لدى شخص ما.
وإذا ما كانت نتيجة نسبة سكر الدم 139 ملغم أو أقل، بعد ساعتين من تناول ذلك المحلول السكري، فإن الشخص «طبيعي». وإذا كانت بين 140 و199 ملغم، كان لدى الشخص حالة «ما قبل السكري». وإذا كانت النتيجة 200 ملغم أو أعلى من ذلك، كان هذا تشخيصا للإصابة بـ«مرض السكري». وفي حال تشخيص «مرض السكري» يجب إعادة إجراء نفس الاختبار لمرة واحدة في يوم آخر، للتأكد. وتجدر ملاحظة أن نتائج هذا الاختبار للحوامل بالذات، تختلف قراءتها عن بقية الناس. ولا مجال للاستطراد فيه.
* ثالثا: فحص نسبة السكري في عينة عشوائية من دم الوريد random plasma glucose test، أي لا علاقة لها بوقت آخر وجبة طعام تناولها الشخص، ولا يُطلب منه الصيام عن تناول المأكولات أو المشروبات. ويتم أخذ عينة عشوائية من دم الوريد، وقياس نسبة السكر فيها. وإذا ما كانت نسبة السكر بالدم 200 ملغم أو أعلى، مع وجود أعراض أخرى مثل زيادة التبول أو زيادة الشعور بالعطش أو حصول نقص غير مبرر بوزن الجسم، فإن هذا يُشير بشكل عال لوجود مرض السكري لدى الإنسان. وهنا يتطلب الأمر تأكيد التشخيص عبر أحد الوسيلتين المتقدم ذكرهما.
* «ما قبل السكري»
* يبدأ أي سفر بالمغادرة من نقطة الانطلاق، ثم المرور بمراحل الطريق، ليبلغ في النهاية نقطة الوصول. وإذا ما كان ثمة إنسان لديه عوامل ترفع من خطورة عُرضة إصابته بمرض السكري، فإن نسبة سكر الدم لديه تُغادر المنطقة الطبيعية، وتنتقل إلى سلوك طريق ما قبل الوصول إلى حالة مرض السكري، وفي النهاية تدخل منطقة السكري. أي أن الإصابة بمرض السكري تحصل بالتدرج، ونتيجة لتكالب واستمرار تأثير عوامل خطورة الإصابة، يصل المرء أولا إلى «مرحلة ما قبل السكري»، ثم يصل بعدها إلى حالة مرض السكري.
وتحتل هذه المرحلة التي تسبق الإصابة بمرض السكري، أهمية بالغة لأمرين مهمين. الأول، أن التنبه إلى وجود «اضطراب» في نسبة سكر الدم، يُمكّن الإنسان من اتخاذ العديد من الإجراءات والتغيرات التي تُؤدي إلى حمايته من الإصابة بمرض السكري وإعادته بالتالي إلى الحالة الطبيعية. والثاني، أن هذا الاضطراب غير الطبيعي قد تُصاحبه تداعيات ومضاعفات ارتفاع سكر الدم على الشرايين القلبية أو غيرها من أجزاء الجسم، مما يعني ضرورة التنبه والعمل على حفظ صحة الشرايين القلبية وغيرها.
وتشير المصادر الطبية إلى أن دخول الإنسان في مرحلة «ما قبل السكري»، لا يُصاحبه أي أعراض مرضية تُنبه الطبيب أو الشخص المصاب. وما من سبيل إلى اكتشاف هذا الوضع، سوى إجراء تحليل السكر بطريقة سليمة. ولذا يقضي الكثيرون بضع سنوات قبل أن يكتشف الأطباء أن لديهم اضطرابا في نسبة سكر الدم أو لديهم ارتفاع مرضي فيه. وبالمراجعة للوسائل الثلاث في فحص نسبة سكر الدم، من الممكن بسهولة تشخيص حالات «ما قبل السكري» بشرط إجراء التحليل. وتُفضل الهيئات الطبية المعنية بمرض السكري بالولايات المتحدة إجراء الفحص الثاني المتقدم ذكره، أي «اختبار القدرة بتناول السكر بالفم» (OGTT). والسبب، أن الاكتفاء بإجراء الفحص الأول، أي «اختبار قياس نسبة سكر الغلوكوز في بلازما الدم» (FPGT)، قد يُسقط سهوا 30 في المائة من حالات الأشخاص الذين لديهم بالفعل حالة «ما قبل السكري».
وتقول المراكز الأميركية لمراقبة الأمراض والوقاية CDC: «تشير إحصائيات 2007 بالولايات المتحدة إلى وجود 57 مليون شخص، ممن أعمارهم 21 سنة وما فوق، مصابين بحالة «ما قبل السكري». وبالإمكان مقارنة هذا الرقم بعدد مرضى السكري الفعليين، والبالغ عددهم 23 مليون شخص. أي أن حالات «ما قبل السكري» حوالي ضعف حالات «مرض السكري». وما ينطبق على الولايات المتحدة ينطبق على غيرها، أو أكثر. ذلك أن نسبة انتشار مرض السكري بالولايات المتحدة هي 7,8 في المائة من السكان. وفي مناطق عدة من دول الشرق الأوسط، تصل نسبة انتشار هذا المرض إلى ما فوق 10 في المائة.
[/size][/b]
الرياض: الدكتور حسن محمد صندقجي
[b][size=12]بالرغم من الانتشار الواسع لمرض السكري، وبالرغم من إصابة الكثيرين بهذا المرض ومراجعتهم المتكررة للأطباء لمتابعتهم، وبالرغم من إدراك هؤلاء المرضى أن أرقام قياس نسبة سكر غلوكوز الدم هي أهم ما في الأمر لجهة التشخيص ولجهة متابعة جدوى العلاجات، إلا أن نسبة مهمة من مرضى السكري، ومن عامة الناس أيضا، لا تتذكر بوضوح الأرقام الطبيعية أو غير الطبيعية لنسبة سكر الدم.
ولأن فلسفة الوقاية الطبية تعتمد في كثير من أمثلتها الواقعية على علم الدلالة المنطقية، فإن إدراك وجود ثغرة زمنية ما بين الحالة الطبيعية لسكر الدم وبين حالة مرض السكري، يُحتم الاستفادة من هذا المحسوس زمنيا ومكانيا في جهود تقليل أعداد الإصابات بمرض السكري، خاصة أن البحث في حال الناس، وفق برامج الفحص الطبي الدوري، يُوفر كثيرا من المعطيات التي تُميز الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة بالسكري، سواء من نواحي الأعراض أو العلامات المستنبطة بعد الفحص السريري أو نتائج تحاليل المختبرات.
وتجدر ملاحظة أن المقصود بـ «مرض السكري» في هذا العرض، هو النوع الثاني الذي يُصيب الكبار في الغالب.
* ثلاث حالات
* ولو انتقينا عشوائيا أربعة أشخاص من عموم الناس، وطلبنا منهم أن يصوموا لمدة ثماني ساعات، ثم أجرينا لكل منهم تحليل نسبة غلوكوز الدم بأخذ عينة من الوريد، ووجدنا أن أحدهم كانت نسبة السكر في دمه 85 ملغم، والثاني 107 ملغم، والثالث 121 ملغم، والرابع 180 ملغم. وسألنا مجموعة من مرضى السكري: منْ من هؤلاء الأشخاص لديه نسبة طبيعية لسكر الدم، ومنْ منهم لديه مرض السكري؟ لوجدنا أن إجاباتهم مختلفة. والإجابة الصحيحة: بعد الصوم لثماني ساعات، نتيجة الأول تقول إن لديه نسبة طبيعية لسكر الدم. ونتيجة الرابع تقول إنه مُصاب بمرض السكري. أما الشخص الثاني والشخص الثالث، لديهم نسبة غير طبيعية في سكر الدم، ولكنها لا تصل في الارتفاع إلى حد تشخيص الإصابة بمرض السكري.
ولأحدهم أن يسأل، ما معنى هذا، هل هو طبيعي أو هو سكري؟ والحقيقة أن الأمور في الطب، ليست دائما إما أبيض أو أسود، بل هناك حالات وأوضاع «رمادية». وفي شأن «نسبة سكر الدم» هناك ثلاث حالات، الأولى، حالة الـ«طبيعي» normal. والثانية، حالة «مرض السكري» diabetes. والثالثة، حالة بين الطبيعي وبين المرضي، وتُسمى طبيا «ما قبل السكري» prediabetes.
* قياس نسبة غلوكوز الدم
* العلامة الأساسية المميزة لمرض السكري، هي ارتفاع نسبة سكر الغلوكوز في الدم. ولتشخيص وجود المرض أو عدمه، نحتاج إلى قياس هذه النسبة. ويجب إجراء هذا القياس بالطريقة الصحيحة، وقراءتها بالطريقة الصحيحة أيضا. وتعتمد صحة طريقة القياس على عنصرين، هما، أولا: وقت أخذ عينة الدم، أي هل صام الشخص ساعتين أو ثماني ساعات أو لم يكن صائما. وثانيا، المصدر الذي يتم منه سحب كمية الدم المُراد قياس نسبة السكر فيها، أي هل الدم أُخذ من الوريد مباشرة، أم أنه أخذ من الشعيرات الدموية بوخز طرف الأصبع بالإبرة. وبالجملة، هناك ثلاثة أساليب لتتبع نسبة سكر الدم، ولكل أسلوب منها طريقة قراءة مختلفة. والأساليب هي:
* أولا: اختبار قياس نسبة سكر الغلوكوز في بلازما الدمfasting plasma glucose test(FPGT)، وذلك بعد الصيام لثماني ساعات على الأقل. وهنا يتم سحب عينة من دم الوريد، لشخص صام لمدة ثماني ساعات أو أكثر عن الأكل والشرب، ويُستثنى شرب الماء الصافي فقط. وهذه الطريقة تُستخدم لتأكيد تشخيص إصابة المرء بمرض السكري أو بحالة «ما قبل السكري». وقراءة نتائج التحليل على النحو التالي: «الطبيعي» أن تكون نسبة السكر في هذا التحليل 99 ملغم أو أقل. وما بين 100 إلى 125 ملغم هو حالة «ما قبل السكري». وإذا كانت أعلى من 126 ملغم فهذا يعني وجود «مرض السكري». ووجود مرض السكري لدى الشخص يتطلب إعادة إجراء التحليل مرة أخرى واحدة في يوم آخر، وذلك للتأكد.
* ثانيا: اختبار القدرة بتناول السكر بالفمglucose tolerance test (OGTT). أي اختبار مدى قدرة الأنسولين الموجود بالجسم، والذي يُنتجه البنكرياس، على كيفية التعامل مع كمية من السكر الذي يتناوله المرء عبر فمه. ويُطلب من الشخص ابتداءً أن يصوم لمدة ثماني ساعات، ثم تُسحب عينة أولى من دم الوريد. ثم يُعطى محلولا سكريا يحتوي على 75 غراما من السكر. ويُطلب من الشخص الامتناع عن تناول أي شيء آخر في خلال الساعتين التاليتين. وبعد انتهاء الساعتين، يتم أخذ عينة ثانية من وريد الدم. ثم يُجرى تحليل نسبة السكر في تلكما العينيتين.
وهذا الفحص يُستخدم لتشخيص الإصابة بالسكري أو بمرحلة «ما قبل السكري». وتُعتبر هذه الطريقة أدق وسيلة لتشخيص مرض السكري لدى شخص ما.
وإذا ما كانت نتيجة نسبة سكر الدم 139 ملغم أو أقل، بعد ساعتين من تناول ذلك المحلول السكري، فإن الشخص «طبيعي». وإذا كانت بين 140 و199 ملغم، كان لدى الشخص حالة «ما قبل السكري». وإذا كانت النتيجة 200 ملغم أو أعلى من ذلك، كان هذا تشخيصا للإصابة بـ«مرض السكري». وفي حال تشخيص «مرض السكري» يجب إعادة إجراء نفس الاختبار لمرة واحدة في يوم آخر، للتأكد. وتجدر ملاحظة أن نتائج هذا الاختبار للحوامل بالذات، تختلف قراءتها عن بقية الناس. ولا مجال للاستطراد فيه.
* ثالثا: فحص نسبة السكري في عينة عشوائية من دم الوريد random plasma glucose test، أي لا علاقة لها بوقت آخر وجبة طعام تناولها الشخص، ولا يُطلب منه الصيام عن تناول المأكولات أو المشروبات. ويتم أخذ عينة عشوائية من دم الوريد، وقياس نسبة السكر فيها. وإذا ما كانت نسبة السكر بالدم 200 ملغم أو أعلى، مع وجود أعراض أخرى مثل زيادة التبول أو زيادة الشعور بالعطش أو حصول نقص غير مبرر بوزن الجسم، فإن هذا يُشير بشكل عال لوجود مرض السكري لدى الإنسان. وهنا يتطلب الأمر تأكيد التشخيص عبر أحد الوسيلتين المتقدم ذكرهما.
* «ما قبل السكري»
* يبدأ أي سفر بالمغادرة من نقطة الانطلاق، ثم المرور بمراحل الطريق، ليبلغ في النهاية نقطة الوصول. وإذا ما كان ثمة إنسان لديه عوامل ترفع من خطورة عُرضة إصابته بمرض السكري، فإن نسبة سكر الدم لديه تُغادر المنطقة الطبيعية، وتنتقل إلى سلوك طريق ما قبل الوصول إلى حالة مرض السكري، وفي النهاية تدخل منطقة السكري. أي أن الإصابة بمرض السكري تحصل بالتدرج، ونتيجة لتكالب واستمرار تأثير عوامل خطورة الإصابة، يصل المرء أولا إلى «مرحلة ما قبل السكري»، ثم يصل بعدها إلى حالة مرض السكري.
وتحتل هذه المرحلة التي تسبق الإصابة بمرض السكري، أهمية بالغة لأمرين مهمين. الأول، أن التنبه إلى وجود «اضطراب» في نسبة سكر الدم، يُمكّن الإنسان من اتخاذ العديد من الإجراءات والتغيرات التي تُؤدي إلى حمايته من الإصابة بمرض السكري وإعادته بالتالي إلى الحالة الطبيعية. والثاني، أن هذا الاضطراب غير الطبيعي قد تُصاحبه تداعيات ومضاعفات ارتفاع سكر الدم على الشرايين القلبية أو غيرها من أجزاء الجسم، مما يعني ضرورة التنبه والعمل على حفظ صحة الشرايين القلبية وغيرها.
وتشير المصادر الطبية إلى أن دخول الإنسان في مرحلة «ما قبل السكري»، لا يُصاحبه أي أعراض مرضية تُنبه الطبيب أو الشخص المصاب. وما من سبيل إلى اكتشاف هذا الوضع، سوى إجراء تحليل السكر بطريقة سليمة. ولذا يقضي الكثيرون بضع سنوات قبل أن يكتشف الأطباء أن لديهم اضطرابا في نسبة سكر الدم أو لديهم ارتفاع مرضي فيه. وبالمراجعة للوسائل الثلاث في فحص نسبة سكر الدم، من الممكن بسهولة تشخيص حالات «ما قبل السكري» بشرط إجراء التحليل. وتُفضل الهيئات الطبية المعنية بمرض السكري بالولايات المتحدة إجراء الفحص الثاني المتقدم ذكره، أي «اختبار القدرة بتناول السكر بالفم» (OGTT). والسبب، أن الاكتفاء بإجراء الفحص الأول، أي «اختبار قياس نسبة سكر الغلوكوز في بلازما الدم» (FPGT)، قد يُسقط سهوا 30 في المائة من حالات الأشخاص الذين لديهم بالفعل حالة «ما قبل السكري».
وتقول المراكز الأميركية لمراقبة الأمراض والوقاية CDC: «تشير إحصائيات 2007 بالولايات المتحدة إلى وجود 57 مليون شخص، ممن أعمارهم 21 سنة وما فوق، مصابين بحالة «ما قبل السكري». وبالإمكان مقارنة هذا الرقم بعدد مرضى السكري الفعليين، والبالغ عددهم 23 مليون شخص. أي أن حالات «ما قبل السكري» حوالي ضعف حالات «مرض السكري». وما ينطبق على الولايات المتحدة ينطبق على غيرها، أو أكثر. ذلك أن نسبة انتشار مرض السكري بالولايات المتحدة هي 7,8 في المائة من السكان. وفي مناطق عدة من دول الشرق الأوسط، تصل نسبة انتشار هذا المرض إلى ما فوق 10 في المائة.
[/size][/b]