بغداد تمزق القيد
________________________________________
بغداد تمزّق القيد (للشاعر الكبير سليمان العيسى)
*****************************************
شدِّي على قُبَلِ العناقِ شُدِّي ، فلن يَرويَ اشتياقي
ظَمَئي كغُلَّتك الرهيبةِ ، واحتراقكِ كاحتراقي
شدِّي على شفتيَّ يا بغداد ، زلزلني التلاقي
غيبي معي في قبلةٍ نصْهَرْ بها أبد الفراقِ
بغداد ، هذي أنتِ ، بعد الصمت ، والحُجُبِ الصفاق
واليأسِ ، والعَتماتِ ، مرٌ ذكرها .. مرّ المذَاقِ
أنا لست في حُلُم ، فهذا الزند محلول الوثاقِ
الراعد الجبّار صوتك ، والمذيع من الرفاق
بغداد تقتلع السدودَ ، وألف فجرٍ في انطلاقِ
الفارس العربيُّ .. موجي يا ميادين السباقِ
ضمِّي حوافرَ مهرهِ وتَنشّقي ارجَ العتاقِ
عاد العراق .. ليسحقَ الاغلال إعصارُ العراقِ
عاد العراق .. لِيَمْلأ الميدان ، محطومَ الوثاقِ
...
ألرعدُ الجبّار من بغداد ، والفجرُ الحبيبُ
نفض النيام ليرقصوا ، ليعانقوه ، ليستجيبوا
الثورةُ انطلقت ، وهزّ الدار مذياعي القريبُ
وتعلقت بالنبرة السمراء ، بالنبأِ القلوبُ
لا سجن بعد اليوم ، دُكّ ، تحطّمَ السجنُ الرهيب
لا قيدَ ، لا اغلالَ ، قهقه أيها الفجر الخضيب
المجرمون على النعال ، يجرُّهم موجٌ غضوبُ
تحت النعال .. كذاكَ تُنهي قصةَ الغدر الشعوبُ
للموت مملكةُ العنيد ، وعهدها الدامي الكئيبُ
للموتِ يا بغداد ، قاعُ جهنّمٍ عَطِشٌ رحيبُ
الظلمة العمياء يَرقُص فوقها صُبْحٌ طَروب
والغصّة السوداء عرسٌ ، ما لسكرته غُروب
شُدِّي على قُبَلِ العناقِ فكل جارحةٍ وجيبُ
عاد العراق .. وهذه نَبَراته بدمي لهيب
...
يا صيحة الصباغ* ، يا دمهُ الزكيّ على الصعيدِ
يا ثأرَ يونسَ* ، والدّمُ العربي مَبْخرةُ الخلود
يا شهقةَ الشهداء ، بين النار تزأر ، والحديدِ
يا موكبَ الأبطالِ في بغداد ، يا سُمرَ الفهودِ
يا صافعين على المشانقِ زهْوَ تيجان "العبيدِ"
شقّوا القبور، تطَلّعوا! بغداد تُبْعثُ من جديد
كحّلْ جفونك يا صلاحَ الدين بالفجر الوليدِ
وانظرْ ، دماؤك في نشيد الثأر عنوانُ النشيدِ
انظُرْ .. هنا صُلِب الشهيدُ فمن ترى بعد الشهيد؟
ماذا على مبنى الدفاع ، وعَبْرَ ساحاتِ الرشيدِ ؟
موجٌ ، كقاصفة الرعود ، بَلَى ، كقاصفةِ الرعودِ
ونثأرُ أشلاءِ الخيا نة تحت أقدام الحشود
والعرشُ ، عَرشُ العار ، أنقاضٌ على جَنباتِ عيدِ
يا ثأر يونُسَ ، يا دمَ الصبّاغ ، يا أرضَ الجدود !
عودي ، تمزّقتِ السدودُ ، وطُهِّرت بغداد ، عودي !
...
زغرِدْ : هنا بغداد ، واصدَحْ أيها الفجرُ المندّى !
واحمل على رَعْشِ القلوب دويَّ ثورتنا المُفَدّى
نامت أعاصيرُ العراقِ ، وطالَ ليلُكَ واستبدا
وتنَمّرَ السفّاحُ ، يوسعُ بارقاتِ النور وأْدَا
صحراؤنا أدْرَى متى تنْفَضّ عاصفةً ، وتهدا
يا روعة الأحرار .. هَدّوا قلعةَ الإرهابِ هَدّا
ومضوا يُضيئون الدروبَ ، ويمْهَرونَ الساحَ مَجْدا
زمْجر : هنا بغداد فالـْ بُرْكانُ بالبركان يُحدَى
الفرحة الكبرى .. أتعرف في غمارِ النصر حدّا ؟
الشام أغنيةٌ تضجّ ، وتلتقي حشداً فحشدا
والنيل .. يا للخُلْدِ ، عانَقَ في ذرى التاريخ خلدا !
عرسُ العروبة، مُدّ سَكْـ ـرَتَهُ وراءَ البيدِ مُدّا !
لُمّ الجزيرةَ يا نداءَ البعثِ ، غائرةً ، ونجدا !
واركُزْ على قمم "العرائس" من بنود النصر بَنْدا
زغردْ : هنا بغداد ، واشـْ ـدُدْنَا على النبرات شدا
الفرحة الكبرى .. وموتي يا ذئابَ الأرضِ حقدا !
ماذا على الشط الجميلِ ، وأين مني الضفتانِ ؟
أأغيب عن هزَج الجموع وعن هديرِ المهرَجانِ !
للشعب سكرتُه ، ولي في عرس دجلة سكرتانِ
ما زلتِ يا بغداد أبْيَاتاً تعربد في لساني
ما زال سحرُ الضفتين ، لهيبَ شوقٍ في كياني
ويكادُ يحضُنُني الشراع ، لو التقينا .. لو رآني
رجّعْتُ ملحمة الشباب على شواطئكِ الحسان
وقبَسْتُ من إعصاركِ العربي جَمْرَ العنفوانِ
وحملت نارك في دمي فوق الحواجزِ والزمان
فوق الحدود .. أحسّها نصْلاً تسَمّرَ في جناني
مدِّي يديك ، تقوّضتْ دنيا الجريمة في ثوانِ
مدِّي يديك .. يَلُفّنا عبقُ البشائر والاغاني
عاد العراقُ .. فللرشيدِ مع الغمائم همستانِ
ولخيلِ "عُقبةَ" وقفةٌ عند المحيط .. بلا عنانِ
مهلاً حماةَ الليل ، إنّا في غدٍ متلاقيانِ
لن تُرْهِبَ القدَر المصممَ غضبةُ اللص الجبانِ
...
أي الجرائم في شواطئنا تفحّ على الطريقِ ؟
ماذا تريد رواعد الإجرام ، والبَغيِ العتيقِ
ماذا يريد الحاقدون على انتفاضات الشروقِ
السافكو دمنا ، حمَاةِ الغدر ، تجّار الرقيقِ
ماذا برأس المجرمين ؟ وخلف لعلعةِ البروق
الحرب ؟ هيّأنا القبور لكل نخّاسٍ صفيق
قسَماً لتنفجرنَّ هذي الأرض بالحقد العريقِ
ولنَجْعَلَنْ جثث اللصوص بظهرها حطبَ الحريقِ
ليجُسّ عودَ "الضاد" بعد اليوم قطّاعُ الطريق !
...
ذوقي رحيقَ النصر يا بغداد ، ملءَ الكأس ، ذوقي
إنّا كما شاء الهوى لهبٌ على العهد الوثيقِ
رقدت صعاليك العروشِ بظلمة المهوى السحيق
وتهيأ الزحف العظيم ، فيا ملاعبنا أفيقي !
رايات اسمرنا على الفيحاء ماردة الخفوق
________________________________________
بغداد تمزّق القيد (للشاعر الكبير سليمان العيسى)
*****************************************
شدِّي على قُبَلِ العناقِ شُدِّي ، فلن يَرويَ اشتياقي
ظَمَئي كغُلَّتك الرهيبةِ ، واحتراقكِ كاحتراقي
شدِّي على شفتيَّ يا بغداد ، زلزلني التلاقي
غيبي معي في قبلةٍ نصْهَرْ بها أبد الفراقِ
بغداد ، هذي أنتِ ، بعد الصمت ، والحُجُبِ الصفاق
واليأسِ ، والعَتماتِ ، مرٌ ذكرها .. مرّ المذَاقِ
أنا لست في حُلُم ، فهذا الزند محلول الوثاقِ
الراعد الجبّار صوتك ، والمذيع من الرفاق
بغداد تقتلع السدودَ ، وألف فجرٍ في انطلاقِ
الفارس العربيُّ .. موجي يا ميادين السباقِ
ضمِّي حوافرَ مهرهِ وتَنشّقي ارجَ العتاقِ
عاد العراق .. ليسحقَ الاغلال إعصارُ العراقِ
عاد العراق .. لِيَمْلأ الميدان ، محطومَ الوثاقِ
...
ألرعدُ الجبّار من بغداد ، والفجرُ الحبيبُ
نفض النيام ليرقصوا ، ليعانقوه ، ليستجيبوا
الثورةُ انطلقت ، وهزّ الدار مذياعي القريبُ
وتعلقت بالنبرة السمراء ، بالنبأِ القلوبُ
لا سجن بعد اليوم ، دُكّ ، تحطّمَ السجنُ الرهيب
لا قيدَ ، لا اغلالَ ، قهقه أيها الفجر الخضيب
المجرمون على النعال ، يجرُّهم موجٌ غضوبُ
تحت النعال .. كذاكَ تُنهي قصةَ الغدر الشعوبُ
للموت مملكةُ العنيد ، وعهدها الدامي الكئيبُ
للموتِ يا بغداد ، قاعُ جهنّمٍ عَطِشٌ رحيبُ
الظلمة العمياء يَرقُص فوقها صُبْحٌ طَروب
والغصّة السوداء عرسٌ ، ما لسكرته غُروب
شُدِّي على قُبَلِ العناقِ فكل جارحةٍ وجيبُ
عاد العراق .. وهذه نَبَراته بدمي لهيب
...
يا صيحة الصباغ* ، يا دمهُ الزكيّ على الصعيدِ
يا ثأرَ يونسَ* ، والدّمُ العربي مَبْخرةُ الخلود
يا شهقةَ الشهداء ، بين النار تزأر ، والحديدِ
يا موكبَ الأبطالِ في بغداد ، يا سُمرَ الفهودِ
يا صافعين على المشانقِ زهْوَ تيجان "العبيدِ"
شقّوا القبور، تطَلّعوا! بغداد تُبْعثُ من جديد
كحّلْ جفونك يا صلاحَ الدين بالفجر الوليدِ
وانظرْ ، دماؤك في نشيد الثأر عنوانُ النشيدِ
انظُرْ .. هنا صُلِب الشهيدُ فمن ترى بعد الشهيد؟
ماذا على مبنى الدفاع ، وعَبْرَ ساحاتِ الرشيدِ ؟
موجٌ ، كقاصفة الرعود ، بَلَى ، كقاصفةِ الرعودِ
ونثأرُ أشلاءِ الخيا نة تحت أقدام الحشود
والعرشُ ، عَرشُ العار ، أنقاضٌ على جَنباتِ عيدِ
يا ثأر يونُسَ ، يا دمَ الصبّاغ ، يا أرضَ الجدود !
عودي ، تمزّقتِ السدودُ ، وطُهِّرت بغداد ، عودي !
...
زغرِدْ : هنا بغداد ، واصدَحْ أيها الفجرُ المندّى !
واحمل على رَعْشِ القلوب دويَّ ثورتنا المُفَدّى
نامت أعاصيرُ العراقِ ، وطالَ ليلُكَ واستبدا
وتنَمّرَ السفّاحُ ، يوسعُ بارقاتِ النور وأْدَا
صحراؤنا أدْرَى متى تنْفَضّ عاصفةً ، وتهدا
يا روعة الأحرار .. هَدّوا قلعةَ الإرهابِ هَدّا
ومضوا يُضيئون الدروبَ ، ويمْهَرونَ الساحَ مَجْدا
زمْجر : هنا بغداد فالـْ بُرْكانُ بالبركان يُحدَى
الفرحة الكبرى .. أتعرف في غمارِ النصر حدّا ؟
الشام أغنيةٌ تضجّ ، وتلتقي حشداً فحشدا
والنيل .. يا للخُلْدِ ، عانَقَ في ذرى التاريخ خلدا !
عرسُ العروبة، مُدّ سَكْـ ـرَتَهُ وراءَ البيدِ مُدّا !
لُمّ الجزيرةَ يا نداءَ البعثِ ، غائرةً ، ونجدا !
واركُزْ على قمم "العرائس" من بنود النصر بَنْدا
زغردْ : هنا بغداد ، واشـْ ـدُدْنَا على النبرات شدا
الفرحة الكبرى .. وموتي يا ذئابَ الأرضِ حقدا !
ماذا على الشط الجميلِ ، وأين مني الضفتانِ ؟
أأغيب عن هزَج الجموع وعن هديرِ المهرَجانِ !
للشعب سكرتُه ، ولي في عرس دجلة سكرتانِ
ما زلتِ يا بغداد أبْيَاتاً تعربد في لساني
ما زال سحرُ الضفتين ، لهيبَ شوقٍ في كياني
ويكادُ يحضُنُني الشراع ، لو التقينا .. لو رآني
رجّعْتُ ملحمة الشباب على شواطئكِ الحسان
وقبَسْتُ من إعصاركِ العربي جَمْرَ العنفوانِ
وحملت نارك في دمي فوق الحواجزِ والزمان
فوق الحدود .. أحسّها نصْلاً تسَمّرَ في جناني
مدِّي يديك ، تقوّضتْ دنيا الجريمة في ثوانِ
مدِّي يديك .. يَلُفّنا عبقُ البشائر والاغاني
عاد العراقُ .. فللرشيدِ مع الغمائم همستانِ
ولخيلِ "عُقبةَ" وقفةٌ عند المحيط .. بلا عنانِ
مهلاً حماةَ الليل ، إنّا في غدٍ متلاقيانِ
لن تُرْهِبَ القدَر المصممَ غضبةُ اللص الجبانِ
...
أي الجرائم في شواطئنا تفحّ على الطريقِ ؟
ماذا تريد رواعد الإجرام ، والبَغيِ العتيقِ
ماذا يريد الحاقدون على انتفاضات الشروقِ
السافكو دمنا ، حمَاةِ الغدر ، تجّار الرقيقِ
ماذا برأس المجرمين ؟ وخلف لعلعةِ البروق
الحرب ؟ هيّأنا القبور لكل نخّاسٍ صفيق
قسَماً لتنفجرنَّ هذي الأرض بالحقد العريقِ
ولنَجْعَلَنْ جثث اللصوص بظهرها حطبَ الحريقِ
ليجُسّ عودَ "الضاد" بعد اليوم قطّاعُ الطريق !
...
ذوقي رحيقَ النصر يا بغداد ، ملءَ الكأس ، ذوقي
إنّا كما شاء الهوى لهبٌ على العهد الوثيقِ
رقدت صعاليك العروشِ بظلمة المهوى السحيق
وتهيأ الزحف العظيم ، فيا ملاعبنا أفيقي !
رايات اسمرنا على الفيحاء ماردة الخفوق