كشف علماء فرنسيون في دراسة نشرت الأربعاء الكثير من أسرار حياة طائر البطريق في البحر.
ويقضي البطريق شهورا عدة في المحيط بحثا عن القوت، قبل أن يعود إلى اليابسة حيث يتكاثر.
وطالما ما تساءل علماء الحيوان طويلا عن المكان الذي تقصده تلك الطيور البحرية، العاجزة عن الطيران، خلال جولاتها الطويلة بعيدا من اليابسة.
ونشرت الدراسة في "بايولوجي ليتيرز" وهي مجلة تابعة لـ"رويال سوسايتي" التي تعد عمليا أكاديمية العلوم البريطانية.
وعمل فريق من "المركز الوطني للبحث العلمي" الفرنسي على وضع اجهزة مراقبة، على حوالى عشرة من حيوانات البطريق من الجنسين، من نوع "ماكاروني" واسمها العلمي "اوديبتيس كريسولوفوس"، في مطلع فصل الشتاء في جزر كيرغولين الفرنسية في المحيط الهندي.
ويزن الجهاز الواحد ستة غرامات وقد ربط إلى ساق الطائر من خلال تثبيته بشريط بلاستيكي غير مؤذ.
وغادرت الطيور إلى البحر بعد أيام عدة منطلقة في جولتها السنوية للبحث عن القوت. ودونت تلك الأجهزة التفاصيل المتعلقة بكل الأماكن التي قصدتها، الموقع ودرجة الضوء فضلا عن حرارة المياه.
وعادت طيور البطريق إلى كيرغولين في موسم الربيع التالي أي بعد حوالي ستة شهور بهدف التناسل.
واستعاد العلماء الأجهزة واستخرجوا المعلومات التي حوتها، كما اخذوا عينات دم من اجل الحصول على البصمة الكيميائية التي تشير إلى ما تناولته هذه الطيور خلال هذه الفترة.
ووجد العلماء أن الطيور وبعدما بلغت البحر، سبحت بعيدا عن كيرغولين، وتوجهت شرقا إلى جنوب المحيط الهندي.
وتفرقت الطيور بعد ذاك على نحو كبير، لتمضي أكثر من 80 بالمئة من وقتها ضمن نطاق جغرافي يقع بين خطي عرض 47 و49 جنوبا.
وصرفت الوقت الباقي في مكان أكثر بعدا باتجاه الجنوب، عند تخوم المحيط المتجمد الجنوبي. غير أنها لم تجتز هذه الحدود، ولم تنقب عن الطعام في الجليد.
وقطعت الطيور سباحة مسافات مذهلة لتسجل 10430 كيلومترا كمعدل وسطي، خلال غيابها الذي استمر ستة شهور. في حين ابتعدت أكثر الطيور حبا للمغامرة 2400 كيلومتر عن كيرغولين.
في أسابيع الهجرة الأخيرة، زادت الطيور سرعتها بغية العودة إلى نقطة انطلاقها واجتازت خلال شهر واحد 1743 كيلومتر، وهي مسافة هائلة.
وفي ما يخص الطعام، أظهرت عينات الدم أن طيور البطريق تناولت القشريات بإفراط خلال وجودها في البحر.
وعلى عكس التوقعات، لم تغرف من "اوفاوزيا سوبيربا"، وهو الاسم العلمي لأنواع الغذاء الأساسية التي نجدها في القوقعة القطبية أقصى الجنوب أي في المياه الأشد برودة.
وتكمن أهمية هذه الدراسة في إشارتها الدقيقة إلى مصادر الغذاء الأساسية بالنسبة إلى البطريق، في جنوب الدائرة القطبية الشمالية من المحيط الهندي، وتساعد تاليا في الجهود لحماية هذا النوع من الطيور من الانقراض، على ما يقول المشرفون على هذه الدراسة التي قادها شارل اندريه بوست.
وتعد طيور البطريق من نوع "ماكاروني"، أكثر أنواع هذه الطيور عددا، غير أنها عرفت انخفاضا خلال العقدين الماضيين.
وتشكل التغييرات المناخية تهديدا لهذا النوع من الطيور، ذلك أن ارتفاع حرارة المياه والتبدل الطارئ على التيارات في المحيطات، يؤثران سلبا في توفر القوت.