البوتولينيوم يخفف آلام الصداع والوجه والرقبة والظهر والكتف
جدة: د.عبد الحفيظ خوجة
إن الانتشار الواسع للآلام المزمنة في العالم أصبح يؤثر اقتصاديا على المجتمع، إذ إن مرضى الآلام يعانون من اعتلال صحي مزمن، الذي ينعكس سلبيا على جودة نشاطاتهم الحيوية وإنتاجهم في المجتمع. وبالرغم من التقدم الملموس في اختصاص علاج الآلام فلا يوجد علاج دوائي أو جراحي يمكنه التحكم الكامل بالآلام، من دون آثار جانبية. لذلك أصبح الاتجاه الطبي العالمي لعلاج الآلام يعتمد على طرق التداخل غير الجراحي واستخدام العلاج الدوائي الموضعي، ومنها عقار البوتولينيوم والذي يعرف للكثير، بعقار البوتكس Botox (وهو الاسم التجاري لإحدى الشركات المصنّعة).
والاسم العلمي هو البوتولينيوم، وهو بروتين يتم استخراجه من بكتريا تسمى الكلوستريديا الوشيقية (Clostridium Botulinum) والتي تسبب حالة تسمم (Botulism)، تم اكتشافها في بلجيكا عام 1890 عندما حدث تسمم غذائي لمجموعة من الموسيقيين بعد تناولهم وجبة لحم غير مطهي. و«البوتولينيوم» مشتق من مفردةBotulus اللاتينية، وهو يعني السجق لأنه حدث تسمم غذائي من السجق في ألمانيا. وبالموهبة، استطاع العلماء استخراج وتنقية هذه المادة لتستخدم لمنفعة وشفاء الإنسان.
* علاج الآلام
* تحدث إلى «صحتك» الأستاذ الدكتور أحمد فوزي الملا، أستاذ علاج الآلام والتخدير بجامعة الإسكندرية بمصر والحاصل على زمالة علاج الآلام بالتداخل اللاجراحي من معهد الألم الدولي ـ تكساس بالولايات المتحدة وكذلك الشهادة التخصصية في طب علاج الألم من جامعة كارديف ـ المملكة المتحدة، فأوضح أن البوتولينيوم (البوتكس) Botulinum Neurotoxins تم اكتشافه في عام 1970 لعلاج التيبس العضلي في جسم الإنسان، ثم استخدم في عمليات التجميل وإزالة التعرق وبعض أمراض عضلات العيون. أما بالنسبة لاكتشافه في علاج الآلام فكان بمحض الصدفة عندما تم حقن البوتولينيوم لتجميل وجه امرأة كانت تعاني من آلام صداع الشقيقة فلاحظت أن آلامها المبرحة اختفت لمدة طويلة بعد الحقن. ومنذ ذلك الحين بدأ التفكير باستخدام هذا العقار لعلاج آلام الصداع والوجه والرقبة والظهر والكتف. وبمواصلة الأبحاث العلمية الحثيثة، وجد أن هذا العقار لا يسبب فقط ارتخاء العضلات المتيبسة بمنع إفراز الناقل الكيميائي المسبب للتيبس (Acetylcholine) عند مناطق التقاء الأعصاب مع العضلات، ولكنه أيضا يمنع إفراز الوسائط والنواقل العصبية المسببة للآلام.
ويشير د.أحمد الملا إلى أن هناك قاعدة طبية معروفة في طب وعلم معالجة الألم تقول: «إن منع إفراز النواقل والوسائط العصبية في الأنسجة الطرفية (Peripheral sensitization) والتي تشكل الجزيئات العصبكيميائية النشيطة والمزامنة لإرسال إشارات الألم إلى الدماغ، يُحد أو يقلل من ازدياد الحساسية المركزية للمخ (Central sensitization) لإشارات الألم المتكررة من الأنسجة الطرفية للجسم مما يسبب تثبيط الآلام».
* فاعلية وآثار جانبية
* إن بداية عمل البوتولينيوم تتراوح بين 2-10 أيام (حوالي أسبوع) وتصل أقصاها من 4-10 أسابيع من حيث فاعلية التأثير. وتستمر هذه الفاعلية 9-11 أسبوعا (3-4 أشهر).
ولاستمرار فاعلية إزالة الآلام لا بد من تتابع إعادة حقن هذا العقار على فترات تتراوح مابين 3-4 أشهر، تعطي في جلسات (عادة 6 جلسات) ويمكن حقن أقصى جرعة من 2500 إلى 10000 وحدة في بعض الحالات.
ويشير الدكتور أحمد الملا إلى أن حقن عقار البوتولينيوم لا يخلو من الآثار الجانبية، ولكنها بسيطة إذا تم استخدامها بواسطة طبيب لديه الخبرة. وهذه الآثار إن حدثت تستمر لفترة وجيزة. ومنها صعوبة في البلع أو ضعف مؤقت للعضلات (خاصة الرقبة)، آلام أو تجمع دموي بسيط في مناطق الحقن، وأعراض مشابهة لمرض الأنفلونزا. ولكن في بعض الأحيان قد يحدث ارتخاء في جفون العيون، كما قد يحدث غثيان لبعض المرضى أو جفاف بالفم.
وعند تكرار الحقن قد يحدث تليف عند مناطق الحقن، مما يعيق عمل البوتولينيوم أو يفقده فعاليته. وقد يكتسب الجسم مناعة نتيجة تكوين مضادات لهذا العقار (فقدان الاستجابة)، ولذلك ينصح بتقليل الجرعة والمباعدة بين مدد الحقن ومحاولة تغيير أماكن الحقن (إن أمكن) وذلك لمنع تكوين المضادات بالجسم، وبالتالي استمرار فعالية البوتولينيوم.