أبدأ حديثي هذا عن موضوع في غاية الأهمية ، وهو أنه يوجد من المسلمين من يصلي بالحذاء وهو في مكتبه أو محل تجاري أو شركة أو ما شابه ذلك ، وكأنهم في حالة حرب ، يصلوا بالحذاء وهم آمنون في أماكن يعملون فيها ، وأنا هنا لست ضد من يصلي في أي مكان ، ولكن إذا كنت آمنا فصلي كما قال الله جل وعلا ، وإذا كنت غير آمن فتجوز لك الصلاة وأنت ماشي أو مسافر، وحين تأمن تعيد الصلاة ، وقد تحدث رب العزة في القرآن عن موضوع الصلاة كي لا يكون للإنسان حجة بعد ذلك ، منها على سبيل المثال أنه تجوز الصلاة إذا كنت جنباً ، إذا كنت في مكان لا تستطيع أن تتطهر فيه ، يقول تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً)) سورة النساء آية 43.
والقصد من الصلاة وأنت جنب كي تتذكر ميعاد الصلاة، ولذلك قالت الآية (إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ)، وهل هؤلاء الذين يصلون بالحذاء في هذا العصر هم في حالة حرب أم هو كسل؟!.. وقد نهى الله عن الكسل في الصلاة ، كي لا نصبح كالمنافقين لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ، وحتى في الحرب لم يذكر فى الآية أنهم كانوا يصلون بالحذاء أو لا ، فكل ما جاء في الصلاة في الحرب أن طائفة تصلي وطائفة تحميهما ، وبعد ذلك تصلي الطائفة الأخرى التي كانت تقوم بالحراسة ، وهذا ما جاء عن الصلاة في حالة الحرب ، يقول تعالى:
((وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً)) سورة النساء آية 102.
أما عن موضوع قصر الصلاة ، جاء في القرآن ، إذا كنت خائفا أو مضطهدا في عبادتك لله تعالى ، وأعتقد أنه في هذا العصر لا يوجد من يصلي وهو خائف أن يفتن من أي جهة كما كان في بداية الإسلام ، ولكن إذا تعرض أي إنسان إلى أن يفتن ، وكان قصر الصلاة هو الطريقة الوحيدة التي تنجيه من الفتنة ، فليقصر صلاته كما تقول الآية الكريمة:
((وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً)) سورة النساء آية 101.
هذا عن الصلاة التي أمرنا بها الله في القرآن ، فمن أين أتت التخاريف عند المسلمين إلا من وراء الكسل والتحريف التي ما أنزل الله بها من سلطان ، وقد قال الله تعالى إلى موسى من قبل إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) طه : 12ـ إذن أى لقاء مع الله سبحانه وتعالى سواء لنبى بهدف نزول وحى الهى أو فى الصلاة أو غيرها لابد أن يخلع الانسان حذاءه وهذا امر من الله تعالى ..
وعن الوضوء يقول جل شأنه :
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) سورة المائدة آية 6.
لم تقل الآية (وامسحوا الحذاء) وإنما قالت وامسحوا بوجوهكم وأرجلكم ، فمن يفعل غير ما أمر به الله ويدعي أن الرسول قال ذلك فما هو إلا بخادع لنفسه ، ومتهماً الرسول بذلك أنه غيّر كلام الله ، والرسول من هؤلاء بريء ، وإذا أردتم أن تبحثوا عن الحق في أمور الصلاة ليس أمامكم إلا القرآن لتعلموا كيفيتها , وما هي الصلاة ، من كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل , وماسوى هذا الكتاب فهو باطل ، ومن يتبع غير القرآن في أمور التشريع سوف ينطبق عليه قول الله يوم القيامة على لسان الرسول ، يقول تعالى:
((وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً)) سورة الفرقان آية 30.
والقول هنا على من حضروا الرسول وهجروا القرآن ، فما بالك من أتوا بعده؟!.. أي سيتبرأ الرسول يوم القيامة من كل من هجر القرآن سواء في عهده أو من أتى بعده.