سورة (يس) ولماذا سميت بقلب القرآن
روائع سورة )يس)أشياء كثيرة يراها الإنسان كل يوم أمامه، وقد لا يلتفت إليهاولكن في داخلها أسرار وعجائب لا تنتهي. فقد دأبتُ على تأمل أي شيء له علاقة بكتابالله تعالى، فكانت الآيات تستوقفني بالتأمل والتدبّر، وكلما سمعتُ آية من كتاب اللهأجدني خاشعاً أمام ثقل كلماتها ومعانيها. فالذي يكرس كل حياته واهتمامهوتفكيره لهذا القرآن ويصبح القرآن كل شيء في حياته، فإن هذا سيؤدي إلى التفاعلوالانسجام والتلذذ بسماع آيات القرآن. باختصار شديد أصبحت هوايتي ومتعتي وسروريوأجمل لحظات حياتي، عندما أعيش مع نص من نصوص القرآن أتأمله ساعات طويلة، فهذا هوقمة السعادة بالنسبة لي بعدما أكرمني الله تعالى بحفظ هذا القرآن والتعرف علىتفاسيره وأحكامه ومعجزاته وعجائبه. قصة وقد كانلي قصة مع نص قصير جداً من نصوص القرآن ولكنه كبير جداً بروائعه. فقد كنتُ ذات مرةعائداً من سفر وقد علّق سائق الحافلة لوحة مخطوط عليها قوله تعالى: (يس والقرآنالحكيم)، وقد كُتبت تحته سورة يس كاملة بخط جميل. هذا النص الكريم شدّني ولفتانتباهي وأسَرَ تفكيري، ووجدتُ نفسي أطيل التفكير فيه وأحسّ بأن كلماته قد رتبهاالله تعالى بنظام بديع وعجيب. واستمر هذا النظر والتدبّر طيلة الطريق. لقد عدتُمن هذا السفر إلى مدينتي ولكن الكلمات التي سحرتني بقيت في ذاكرتي: (يس والقرآنالحكيم). وأول عمل قمتُ به هو كتابة كلمات الله هذه وإعادة النظر إليها والتفكّر فيدلالاتها. وانتابني إحساس قوي بأن هذه الكلمات فيها علاقة مذهلة مع ما تتحدث عنهوهو القرآن. فالحديث هنا عن (القرآن الحكيم) ولا بدّ أن يكون هنالك علاقة بينحروف هذه الآية والقرآن. وبدأت رحلة من الدراسة العلمية لهذا النص القرآني، من خلالعدّ كلماته وحروفه. وبالرغم من صعوبة المهمة إلا أن الإصرار على اكتشاف معجزة فيهكان يبقيني محاولاً ومتابعاً. فنحن أمام أربع كلمات فقط، ولكل كلمة عدد محدد منالحروف: فالكلمة الأولى هي (يس) وعدد حروفها هو (2). الكلمة الثانية هي (و) وهذه واو العطف التي تعدّ كلمة مستقلة لأنها تُكتب منفصلة عما قبلها وما بعدها،وعدد حروفها كما نرى هو (1). والكلمة الثالثة هي (القرآن) وعدد حروفها كما كتبتفي كتاب الله تعالى هو (6) أحرف. والكلمة الرابعة هي (الحكيم) وهي تتألف من (6) أحرف أيضا. دلالاتلقد تعلمتُ شيئاً من أبحاثالإعجاز الرقمي التي قمت بها وهو أن الآية الكريمة يوجد بينها وبين ما تدل عليهعلاقة وترابط، وهذا من إحكام القرآن، وهذا ما اكتشفته بالفعل. فنحن نعلم بأن سورةيس هي قلب القرآن كما أخبر بذلك الصادق المصدوق عليه صلوات الله وسلامه. ونعلم بأنسورة يس هي من السور المميزة في القرآن والتي تبدأ بحروف مقطعة أو مميزة حيّرتالمفسّرين وأعيت الباحثين وبقيت سراً غامضاً، لا ندري قد يمنّ الله على عبد منعباده باكتشاف هذا السر. لقد قمتُ بكتابة النص الكريم وعبّرت عن كل كلمة بعددحروفها، وذلك بهدف إيجاد النظام المحكم. وعلاقة هذا النظام بما تتحدث عنه الآية وهوالقرآن. فإذا نتجت علاقة رياضية كهذه فهذا دليل ملموس على أنه لا مصادفة في كتابالله، وأن هذا سيكون أحد تحديات القرآن للبشر أن يأتوا بمثله أو ينظموا كلمات تأتيحروفها منضبطة مع ما تعبر عنه. كتبتُ النص وتحت كل كلمة عدد حروفها كما رُسمت فيالقرآن كما يلي: يس و القرآن الحكيم 2 1 6 6 في هذه اللوحة الرائعة لديناسطر من الكلمات وسطر من الأرقام، كل رقم يعبر عن حروف كلمة، ونحن بلغة الكلام نقول (يس والقرآن الحكيم)، لنفهم من ذلك القسم الإلهي يقسم بالقرآن ويصفه بالحكيم. أمالغة الأرقام فنستطيع أن نقرأ (6612) أي ستة آلاف وست مئة واثنا عشر، وهذا العدد هومصفوف حروف كلمات النص،وهذا العدد يمثل سلسلة رقمية لا يمكن لأحد أن يشك فيها أوينكرها. فالعدد 6612 يمثل عدد حروف كل كلمة حسب تسلسلها في النص القرآني، ولمنجمع الأرقام لئلا يختفي هذا التسلسل. فكما نرى العدد 6612 نرى فيه حروف كل كلمة،بينما مجموعه وهو 15 لا نرى فيه هذا التسلسل بل نرى الناتج النهائي، والسر يكمن فيتسلسل هذه الكلمات وعدد حروف كل منها. سؤالحيّرني! ولكن السؤال الذي استغرق أشهراً للإجابة عنه: ما هي العلاقةبين العدد 6612 وبين القرآن؟؟ وبعد كثير من التأمل قمتُ بمعالجة هذا العدد وتحليلهرقمياً وكانت المفاجأة، أن العدد الذي يعبر عن حروف النص الذي يتحدث عن القرآنيتناسب مع عدد سور القرآن الـ 114!!! وإليك التفاصيل. إن العدد 6612 يساويبالتمام والكمال 114 مضروباً في 58 وبكلمة أخرى: 6612 = 114 × 58 إذن العددالذي يمثل حروف (يس والقرآن الحكيم) جاء من مضعفات العدد 114 وهو عدد سور القرآنالحكيم. ولكن ماذا عن العدد 58 الناتج معنا في المعادلة؟؟ وهل له علاقةبالقرآن؟؟لقد استغرق هذا الأمر مني بحثاً طويلاً في كلمات القرآن وتكرارها،وكانت المفاجأة من جديد، فقد وجدتُ بأن كلمة (قرآن) قد تكررت في القرآن 58 مرة!!! وهكذا أصبحت المعادلة مقروءة على الشكل التالي: إن العدد الذي يمثل حروف النصالذي يتحدث عن القرآن يساوي عدد سور القرآن في عدد مرات تكرار (قرآن) في القرآن! وسبحان الله الحكيم العليم، هل جاءت هذه الأرقام الدقيقة جميعها بالمصادفة؟ أم أنالله بعلمه وحكمته وقدرته هو الذي نظّمها وأحكمها ورتبها؟ قلب القرآن ولكنكنتُ دائماً أعتقد بأن معجزات هذا النص وغيره من نصوص القرآن لا تنقضي، ومهما بحثنافسوف نجد إعجازاً مذهلاً. وكنتُ أتذكر حديث الرسول الكريم عن سورة يس وأنها قلبالقرآن، فقلت: هل يمكن أن نجد دلالة لهذه التسمية أي (قلب القرآن)؟فنحن أمامعدد كما رأينا يمثل حروف النص وهو 6612 والسؤال: ماذا يحدث إذا قمنا بقلب هذاالعدد؟ ونحن نعلم أن كلمة (قلب) جاءت من التقلّب وتغيير الاتجاه وعكسه، أي هل يمكنأن نجد مدلولاً لمقلوب العدد 6612 ؟عندما نقرأ هذا العدد بالاتجاه المعاكس يصبح 2166 ألفان ومئة وستة وستون، والسؤال: هل توجد علاقة بين هذا العدد وبين القرآنالكريم؟ وهذا تطلّب مني جهداً وبحثاً ولكن النتيجة كانت مذهلة. فقد تبيّن بأن هذاالعدد من مضاعفات العدد 114 الذي يمثل عدد سور القرآن! ويمكن أن نكتب العلاقةالرياضية التالية: 2166 = 114 × 19 إنها نتيجة مذهلة حقاً أن نجد العدد الذييمثل حروف نص يتحدث عن القرآن يأتي مضاعفاً لعدد سور القرآن كيفما قرأناه، ولكنماذا عن العدد 19 الناتج الأخير وماذا يمثل، ونحن نعلم بأن لكل رقم في كتاب اللهدلالات واضحة؟وبدأت رحلة من البحث من جديد للإجابة عن هذا التساؤل والذي يتضمنمدلول الرقم 19 وعلاقته بسورة يس. ولم يمض إلا عدد من الأيام حتى تبيّن لي بأن رقمسورة (يس) بين السور ذات الفواتح هو 19، واكتملت بذلك دلالات هذه المعادلة. نلخص ما رأيناهوالآن لنكتب هذا النص الكريم وعدد حروف كل كلمة من كلماتهونقرأ العدد ومقلوبه: يس و القرآن الحكيم 2 1 6 6 المعادلةالأولى: 6612 = 114 × 58 عدد سور القرآن تكرار كلمة (قرآن) فيالقرآنالمعادلة الثانية: 2166 = 114 × 19 عدد سور القرآن ترتيب (قلبالقرآن) في القرآنويمكن القولالآن:إن العدد الذي يمثل حروف النص الذي يتحدث عن القرآن (يس والقرآنالحكيم) يساوي عدد سور القرآن في عدد مرات ذكر كلمة (القرآن) في القرآن، وعندماقلبنا نفس العدد أصبح مساوياً لعدد سور القرآن في ترتيب سورة (يس) أي قلبالقرآن!!! وأمام هذه الحقيقة الرقمية التي لا يمكن لأحد أن يجحدها ينبغي على كلمؤمن أن ينحني خشوعاً أمام عظمة هذا القرآن، كما ينبغي على كل منكر للقرآن أن يعيدحساباته ويفكّر في هذه الأرقام: هل جاءت على سبيل المصادفة؟ أم أن الله الذي أنزلالقرآن هو الذي رتبها وأحكمها لتكون دليلاً مادياً على صدق كلامه وصدقرسالته؟لذلك نجد أن الآية التي جاءت بعد هذا النص مباشرة هي خطاب للحبيبالمصطفى صلى الله عليه وسلم، تؤكد صدق هذا النبي وأنه مرسل من الله تعالى، وأنه علىحق وعلى صراط مستقيم، وأن كل كلمة نطق بها هي تنزيل من الله العزيز برغم إنكارالملحدين لكتابه، والرحيم بهم برغم معصيتهم وشِركهم. واستمع معي إلى هذه الكلماتالرائعة: (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَىصِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) [يس: 1-5]. ملاحظات لقد قمنا بعدّ الحروف كما تُكتب في القرآن وليس كماتُلفظ، وهذا منهج ثابت في أبحاث الإعجاز الرقمي. كذلك نعدّ واو العطف كلمةمستقلة وتأخذ مرتبة مستقلة، لأنها تُكتب مستقلة عما قبلها وما بعدها، ونحن نعلم منقواعد العربية أن الكلمة اسم وفعل وحرف، والواو هنا مع أنها حرف عطف أو أداة قسَمإلا أنها تعدّ كلمة مثلها مثل أية كلمة أخرى. أما طريقة صف الأرقام وفق هذاالنظام العشري له أساس رياضي فيما يسمى بالسلاسل العشرية، حيث يتضاعف كل حد علىسابقة عشر مرات. تكررت كلمة (القرآن) في القرآن كله 49 مرة، وكلمة (قرآن) 9مرات، والمجموع 58 مرة، أما كلمة (قرآناً) و(قرآنه) فلم تُحسبا، لأننا كما تعاملنافي النص الكريم مع الحروف المرسومة، كذلك نتعامل في تكرار الكلمات مع الحروفالمرسومة، ونحصي كلمة (قرآن) معرَّفة وبدون تعريف، دون أن نحصي ملحقاتالكلمة. إن السور المميزة أو التي تبدأ بحروف مقطعة عددها في القرآن 29 سورة،وتأتي سورة (يس) بين هذه السور حسب ترتيب السور في الرقم 19 |